الرقصات الأولى - جيوسيبي ماغني.


لوحة الرقصات الأولى.


في قلب ِكوخٍ دافئٍ كان قد اجتمع عِصبةٌ من أفراد عائلةٍ تستتر بقماشٍ مرقّعٍ، وجوههم منيرةٌ تخفي رماد الحطب الذي تجمّع على خِلقتهم.

يجلسُ الجدُ على عتبةِ الباب وأنامله المجعدةُ تحمل الأكورديون وتشده وترخيه كما تعجن الأمهات الخبز، ليصنعَ نغمًا حلوًا تتراقص عليه زهرتاه اليانعتان ذواتِ التنانير الوردية المحمّرة، تُشابه في لونها وجنتاهما وهنّ يضحكّن ويتمايلنْ.


وفي الناحية الأخرى شابةٌ قرب الخِزانة العتيقة تحيط بذراعيها أطباق الغداء، تحدقُ في أُختيها كيف هنّ متألقاتٌ تحت خيوط الظُهر، وكيف أنّ بسمتهنّ تباري كنوز الدنيا وأموالنا بهذا اللعب البريء.


والأمُ على الكرسيّ قربَ طاولةِ الطعام تتكيئُ، تقهقه وتدندن حينًا، وتصفق بيديها على إيقاع أبيها حينًا آخر، عليها ثوبٌ بنيٌّ لا يُدرى إن كان هذا أصله أو أنّ ريشة تراب الحقل لوّنته وصيّرته تشبهها، ويحيط بخصرها مِريلةٌ بلون طحين الذرة.


أمّا أمام الموقدِ وقرب إبريق الماء النحاسيّ يجلسُ على حطبةٍ، الليلُ في وضح النهار يغطي بحُلكتهِ رأسه ويعاكسهُ قرمزية قميصه الملطخِ بأغصان القمح، هزيلٌ يتطلع إلى عائلته وتكاد فكرة فقرهم الجارف أن تتوارى عن باله بهذه السعادة التي لا تجد ببساطتها للفناءِ سبيلًا، إذا ما اجتمعوا جميعًا معًا واجدين قوتَ يومهم وإنْ ضَؤلَ.



* لا يعد الوصف مماثلًا تمام التماثل للوحة إنما هي تجسيدٌ للحياة خلفها، وتدريبٌ على وصف الملامح من المرايا.


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعرَف على تَوق.

من المسرح الروسي: بحيرة البجع.